حول الذئب الرمادي
هو أكبر الأعضاء البريّة من فصيلة الكلبيات. تُظهر المستحثات (الأحافير) أن الذئاب الرمادية عاشت على وجه الأرض منذ ما يُقارب 300,000 سنة، أي عند نهاية العصر الحديث الأقرب، وبهذا فهي تُعتبر إحدى الحيوانات الناجية من حادثة الانقراض الجماعي التي وقعت في أواخر العصر الجليدي الأخير.
المواصفات الجسدية
تختلف أحجام وأوزان الذئاب بشكلٍ كبير عبر موطنها، إلا أن كليهما يزيد كلّما كانت النويعة تقطن إلى الشمال أكثر، كما تنص "قاعدة برغمان". يترواح ارتفاع الذئب بين 0.6 إلى 0.95 متراً (24 إلى 37 إنشاً) إجمالاً، أما وزنه فيظهر فيه الاختلاف بشكل أوضح، فالذئاب الأوروبية يصل معدل وزنها إلى 38.5 كيلوغرامات (85 رطلاً)، وذئاب أمريكا الشمالية تصل إلى 36 كيلوغراماً (79 رطلاً)، أما الذئاب العربية والهندية فيصل معدل وزنها إلى 25 كيلوغراماً (55 رطلاً). تمّ توثيق وجود بعض الأفراد الفريدة من هذه الحيوانات والتي وصلت زنتها إلى 77 كيلوغراماً (170 رطلاً) في ألاسكا، كندا، والإتحاد السوفياتي سابقاً.
التناسل ودورة الحياة
تتزاوج الذئاب عادةً في الفترة الممتدة بين شهريّ يناير وأبريل—ويُلاحظ أنه كلّما كانت الجمهرة تبعد في موطنها نحو الشمال، كلّما حصل التزاوج في فترة متأخرة. يولد بطن واحد من الجراء غالباً في قطيع الذئاب، إلا بحال تزاوج الذكر المسيطر مع أكثر من أنثى. وخلال موسم التزاوج، تتودد الذئاب إلى بعضها بشكل كبير بانتظار حول ميعاد دورة الأنثى المسيطرة الشهرية، وتزداد نسبة التوتر في القطيع عندئذ، إذ أن كل ذئب بالغ تقوى غريزة التناسل عنده ويشعر برغبة ملحّة للتزاوج.
البنية الاجتماعية
تعيش الذئاب إجمالاً في مجموعة تُسمّى قطيعاً، إلا أنه يُمكن العثور على ذئاب منفردة بالبرية في بعض الأحيان، لكن القطعان تبقى أكثر شيوعاً. غالباً ما تكون الذئاب المنفردة أفراد طاعنة في السن تمّ طردها من القطيع، أو يافعة تبحث عن منطقة خاصة بها. تميل قطعان الذئاب في نصف الكرة الشمالي إلى أن تكون أقل تراصاً وتوحيداً من قطعان الكلاب البرية الأفريقية والضباع المرقطة، إلا أنها تبقى أكثر استقراراً من قطعان القيوط. عادةً ما يتألف القطيع من ذكر مسيطر وأنثاه وصغارهما، مما يجعل القطيع عبارة عن "أسرة نواتية". يتغير حجم القطيع بمرور الزمن إما بالزيادة أو النقصان، وفق عوامل معينة، بما فيها نوعية المسكن ودرجة سدّه لحاجات الذئاب، شخصية الأفراد المنتمية إليه، ومخزون الطرائد. يحوي القطيع عادةً ما بين ذئبين و 20 ذئباً، وغالباً ما يتكون القطيع النمطي من 8 أفراد.
تشتت القطيع
تبقى جراء الزوجين المتناسلين في قطيعها الأمومي لفترة مؤقتة من حياتها كذئاب بالغة. وخلال هذه الفترة تلعب عدد من الأدوار المهمة في حياة القطيع، كالمساعدة في الصيد، فرض الانضباط، وتربية الصغار، ويضمن الزوجان المسيطران قيام أبنائهما بهذه المهمات عن طريق كبح غريزة التناسل عندها ومنعها من التزاوج مع أي فرد أخر، وبهذا فإن الجراء تفجر كبتها وطاقتها عن طريق أمور أخرى، وينطبق هذا حتى ولو كان في القطيع ذئاب أخرى غير مرتبطة بالأفراد الرئيسية، إذ أن ما ينطبق عليها ينطبق على الأبناء. تدفع الغريزة الجنسية الكثير من الذئاب "الخاضعة" ليغادر قطيعه بحثاً عن شريك. تُسمى مغادرة الذئاب البالغة حديثاً لقطيعها "بالتشتت"، وهي تقع في أي وقت من السنة، وعادةً ما يقوم بها الأفراد الذين بلغوا مرحلة النضج الجنسي في وقت سابق على حلول موسم التزاوج السالف.
التعليم بالروائح
تقوم الذئاب، كغيرها من الكلبيات، بتعليم أي شيء تستولي عليه—من الحوز إلى الطرائد، برائحتها. والذئاب المتناسلة هي من تقوم بالتعليم أكثر من غيرها، والذكور منها تفعل ذلك أكثر من الإناث. يُعد البول أكثر الوسائل المستعملة عند هذه الحيوانات في تعليم ما تملكته، ويرش الزوجان المسيطران بولهما بعد أن يرفعا إحدى قوائمهما الخلفية، بينما يقوم باقي أفراد القطيع بالتبول عن طريق القرفصاء، ويُرش البول على حدود الحوز وأماكن تخزين الطعام والطرائد التي سبق واصطادها القطيع.
الحمية
تقتات الذئاب الرمادية بشكل أساسي على الحافريات متوسطة الحجم أو الضخمة، إلا أنها تبقى حيوانات انتهازية، وسوف تقتات على أي مصدر لحوم متوافر، بما فيه الحيوانات غير الحافرية، الجيفة، والقمامة. لا يُعد أكل بني الجنس أمراً نادراً بين الذئاب، إذ أن بضعة حالات قد تمّ توثيقها في الفترات التي قلّ فيها مخزون الطعام، أو نفق أحد أفراد القطيع، أو عند مقتل إحدى الذئاب المنافسة خلال نزاع مناطقي.
العلاقة مع الضواري الأخرى
تهيمن الذئاب عادةً على أنواع الكلبيات الأخرى التي تتعايش وإياها. ففي أمريكا الشمالية، لا تتقبل الذئاب وجود القيوط في حوزها؛ فبعد أن تم إعادة إدخالها إلى منتزه يلوستون الوطني عام 1995، تسببت الذئاب بانخفاض نسبة جمهرة القيوط في المنتزه بحوالي 50% عن طريق افتراسها ومنافستها على مصادر الطعام. وتفيد بعض التقارير أن الذئاب تنبش جحور القيوط لتمسك بجرائها وتقضي عليها، والذئاب عادةً لا تقتات على القيوط الذي تقتله، على الرغم من إمكانية حصول هذا. ليس هناك من تقارير تفيد بقتل قيوطات لذئاب، إلا أنه يُعرف عنها قيامها بالتجمع ضدها ومناوشتها بحال كانت أكثر عدداً منها.
التصنيف
ينتمي الذئب الرمادي إلى جنس "الكلب" (باللاتينية: Canis)، الذي يضم ما بين 7 و 10 أنواع من الكلبيات. وهذه الحيوانات هي إحدى ستة أنواع يُطلق عليها اسم "ذئب"، أما الأخرى فهي: الذئب الأحمر (Canis rufus)، الذئب الهندي (Canis indica)، ذئب الهيمالايا (Canis himalayaensis)، الذئب الشرقي (Canis lycaon)، والذئب الحبشي (Canis simensis)، على الرغم من أن الجدال ما زال قائماً حول ما إذا كان البعض من هذه الحيوانات يجب اعتباره أو إبقاؤه على أنه نويعة من الذئب الرمادي، أو كونه يُشكل نوعاً مستقلاً.